المغالطات المنطقية – الجزء الثاني

مقدمة:

عندما اقتنيت كتاب المغالطات المنطقية، تأليف د. عادل مصطفى، تصفحته سريعاً ولاحظت كثرة الأمثلة والحشو، وعندما بدأت قراءته وجدت أن المؤلف غير واضح، فهو قد لا يضع تعاريف واضحة للمغالطة، أو يضعها ضمناً وتستنتجها، أو يضعها مباشرة، ويطرح أمثلة كثيرة لكل مغالطة، وكثرة الأمثلة مفيدة كما هو معروف ولكن الإشكال في أمثلة المؤلف أنها من غير بيئتنا العربية فقد يصعب فهم أكثرها، كذلك كثرة الحشو والكلام الطويل، لذلك رأيت اختصار المغالطات المنطقية ( أي أني لم أعرض الفصول الأخرى من الكتاب ) في جزئين أعرضها في المدونة، وقبل أن نبدأ بالمغالطات أود أن أذكر بعض الملاحظات الهامة، أولها أني حاولت بقدر الإمكان أخذ التعاريف من الكتاب مباشرة، إن لم تكن موجودة ذهبت لمصدر آخر وأخذت التعريف منه وأشرت إليه بالهامش، أو استنتجته بنفسي، وكل تعريف أو مثال استنتجته سأضع بعده علامة النجمة ( * )، كذلك أشرت في الهامش لبعض الشخصيات المذكورة في الأمثلة والتي قد لا يعرفها البعض، وهذه من باب الإضافة، وبالأخير المقالة لم تعرض كل مغالطة بالتفصيل والحالات التي لا تكون فيها المغالطة المذكورة مغالطةً، ولهذا أنصح بالعودة للكتاب لأخذ نظرة أوسع ومعرفة أكبر وأعمق، وهذه المقالة للتسهيل فقط.

لماذا علينا معرفة المغالطات المنطقية؟

برأيي أن معرفة المغالطات المنطقية مهمة لكي لا نقع فيها بنقاشاتنا، ولكي نعرف إذا ما كان المُخاطِب يُغالط منطقياً أم لا، ولنحمي عقولنا من التشغيب.

18- مهاجمة رجل من القش

مغالطة يعمد المرء فيها إلى مهاجمة نظرية أخرى غير حصينة بدلاً من نظرية الخصم الحقيقية.

  • مثال:
    • كيف تحظى نظرية أينشتين بكل هذا القبول وهي تذهب إلى أن كل شيء مباح وأن الأخلاق إنما هي شأن نسبي يختلف من بيئة ثقافية إلى أخرى؟ ( لاحظ الخلط بين نسبية أينشتين الفيزيائية الخالصة، والنسبية الأخلاقية)

19- مغالطة التشييء

معاملة المجردات أو العلاقات كما لو كانت كيانات عينية.

  • مثال:
    • الموسيقى لا تؤذي أحداً* (الموسيقى ليست شيئاً بإمكانه أن يؤذي أو لا يؤذي)

20- انحياز التأييد

البحث عن ما يؤيد الفرضية بدلاً من البحث عن ما ينقضها.3

  • مثال:
    • القراءة في كتب تؤيد نظرية داروين وتطرح الأدلة على صحتها دون العودة لنقودات هذه النظرية.*

21- إغفال المُقَيِّدات.

تعميم حالة أو حالات استثنائية على حالات أخرى مشابهة.*

  • أمثلة:
    • سيارة الإسعاف التي عبرت الآن تستحق مخالفة لأنها كسرت الإشارة الحمراء.
    • ما دمنا نسمع للمصابين بالجلوكوما4 باستخدام المارجوانا5 الطبية، إذن كل شخص من حقه استخدام المارجوانا.

22- مغالطة الالتباس

وهي على قسمين6:

  • اشتراك اللفظ، يقول الغزالي في المستصفى: الألفاظ المشتركة هي الأسامي التي تنطبق على مسميات مختلفة لا تشترك في الحد والحقيقة البتة.
    • مثال:
      • كل العلوم تؤدي إلى فهم أفضل للعالم، إذن علوم السحر تؤدي إلى فهم أفضل للعالم.
  • اشتراك التركيب: إذا كان معنى العبارة غير محدد، نتيجة لتفكك مبناها وتعثر الطريقة التي تنضام بها ألفاظها.
    • مثال:
      • يقول الرجل لزميله في بلاد نيام نيام أكلة البشر: الزعيم يريدك للغداء.

23- مغالطة التركيب والتقسيم

وهي على قسمين:

  • مغالطة التركيب: هي مغالطة إضفاء الجزء على الكل.
    • مثال:
      • جميع أجزاء هذه الآلة خفيفة الوزن، إذن هذه الآلة خفيفة الوزن.
  • مغالطة التقسيم: إضفاء خصائص الكل على المكونات.
    • مثال:
      • العدد 4 عدد زوجي، 1 و 3 هما كل أجزاء العدد 4، إذن 1 و 3 أعداد زوجية.

24- إثبات التالي

العبارة الشرطية هي العبارة التي تضع شرطاً (يُسَمَّى المُقَدَّم) ثم تمضي ( في “التالي” ) لتتحدث عما يلزم هذا الشرط. وفي مغالطة إثبات التالي يتم الانتقال في الاتجاه العكسي من إثبات التالي إلى إثبات المقدّم.

  • مثال:
    • إذا كنت في الإسكندرية فأنا في مصر، أنا في مصر، إذن أنا في الأسكندرية.

25- ذَنْبٌ بالتداعي

وهي رفض الدعوى لأنها مرتبطة في ذهن الشخص بما لا يحب.

  • مثال:
    • كان هتلر نباتياً، إذن النباتية إثم ينبغي اجتنابه.

26- مغالطة التأثيل

يعتقد البعض أن المعنى الحقيقي لأي كلمة يجب أن يُلتَمس في الأصل التاريخي الذي أتت منه.

  • مثال:
    • كلمة “nice” يجب أن تكون لفظة ازدراء لأنها مشتقة من كلمة فرنسية قديمة تعني “أحمق”

27- الاحتكام إلى الجهل

وهو أن يكون شيء هو حق بالضرورة ما دام أحد لم يبرهن على أنه باطل.

  • مثال:
    • ليس هناك دليل على أن الأشباح غير موجودة، إذن الأشباح موجودة.

28- سرير بروكرست

وهو تشويه المعطيات وتلفيق البيانات لكي تنسجم مع مخطط ذهني مسبق.

  • مثال:
    • كمن يكتب شيئاً وينسبه لسياسي عظيم لينصر حزبه.*

29- مغالطة المقامر

تنطوي مغالطة المقامر على خطأ في فهم فكرة الاحتمالات وفكرة الأرجحية

  • مثال:
    • لقد اشتريت ثمان بطاقات حظ الأسبوع الماضي، ولم تكن من بينها أي بطاقة رابحة، وبما أن فرص الكسب هي واحد لكل تسعة، فإن بطاقتي القادمة ستكون رابحة على الأرجح.

30- المظهر فوق الجوهر

وهذه المغالطة يقع فيها الشخص عندما يهتم بالأسلوب الذي تم عرض الحجة به أكثر من الحجة نفسها.

  • مثال:
    • من المؤكد أن حجة رئيس المجلس ضعيفة وأنه قد خسر الجدال. ألا ترى كم كان جبينه يتصبب عرقاً ووجه يحمر ارتباكاً؟

31- الاحتكام إلى القديم

هو نوع من الاحتكام إلى السلطة، وهي هنا سلطة العرف والتقاليد الجمعية.

  • مثال:
    • الاعتقاد بأن السحرة والجن سبب لكثير من الأمراض الجسدية والنفسية.

32- النبوءة المحققة لذاتها

النبوءة المحققة لذاتها هي تنبؤ يؤدي بنفسه، على نحو مباشر أو غير مباشر، إلى أن يصبح حقيقة.

  • مثال:
    • كان ماركس جرافي، يعاني سكتة دماغية نجا منها بالفعل، غير أنه فوجئ بنعيه منشوراً بطريق الخطأ في أحد الصحف، فصدم جرافي حين قرأ هذا النعي صدمة شديدة أصابته بسكته دماغية ثانية توفي على أثرها، وبذلك صدق النعي!

33- الخطأ المقولي

أن تنسب لشيء ما خاصية لا يمكن أن تخص هذا الشيء.

  • مثال:
    • ها أنا ذا اطلعت على غرفة الجلوس وغرفة النوم والبهو والشرفة والحمام والمطبخ، فأين البيت؟ (الخطأ هنا أن الشخص يعتقد بانفصال البيت عن كل ما تم ذكره، مع أن البيت فعلياً هو كل تلك الأجزاء.)

34- الأنثروبومورفيزم

وهو إضفاء صبغة بشرية على غير البشر.3

  • مثال:
    • الهواء يكره التزاحم، وعندما يضغط سيحاول الهرب إلى منطقة أقل ضغط.3

انتهى بحمد الله

مراجعة لكتاب المغالطات المنطقية:

كنت متحمساً لقراءة هذا الكتاب منذ مدة طويلة، كنت أظن أني أمام 400 صفحة من المغالطات المنطقية المتنوعة والمختلفة جداً، كنت أظن أيضاً أن الأسلوب مختصر ومبسط وسهل، ولكن فوجئت بعكس ما توقعت، فعند التدقيق نجد أن أكثر المغالطات المنطقية المذكورة تدور حول شيء واحد فقط، وهو الخروج عن موضوع الحوار، فكل خروجٍ عن موضوع الحوار يعتبر مغالطةً منطقيةً.

الكاتب أطال الكلام في كتابه، كان بإمكانه الاختصار كثيراً، والأمثلة كثيرة جداً، وفي بعض الأحيان لا تجد أمثلة واضحة! كان من المفترض أن يضع مثالين أو ثلاثة لكل مغالطة يطرحها بأسلوب سهل ومستوحاه من بيئتنا الثقافية، لأنه أولاً وأخيراً موجه للقارئ العربي، لا القارئ الأجنبي.

تقييمي للكتاب ثلاثة من خمسة.

خاتمة:

كما قلت بالبداية أن هذا التلخيص لا يغني عن الكتاب ( وهو كتاب المغالطات المنطقية – د. عادل مصطفى ) ، وأن هناك مغالطات منطقية تكون في حالات معينة حجج يؤخذ بها، وهناك فصول أخرى غير المغالطات المنطقية مذكورة في الكتاب لم ألخصها هنا، وإنما تلخيصي يقتصر على المغالطات المنطقية فقط.

3. كل المذكور في هذا الهامش من مشاركة من أحد الأصدقاء بعد نشري للجزء الأول من التلخيص.

4. مرض ينشأ نتيجة ارتفاع الضغط بالعين فيحصل نتيجة ذلك تلف في أنسجة العصب البصري وإذا لم يعالج المرض يحدث تلف كلي في العصب البصري وبذلك تفقد العين قدرتها على الإبصار.

5. أزهار ونباتات تأتي على رأس مجموعة واسعة من أنواع المهلوسات

6. هي في الكتاب ثلاثة أقسام، ولكني رأيت أن القسم الأخير غير مستخدم في اللغة العربية أو مستخدم بشكل قليل، والقسم الثالث في الأصل مغالطة للمتحدثين باليونانية لا العربية.

One Comment اضافة لك

  1. hamzahbawazier كتب:

    كتاب ممتاز و مفيد لشرح فروق الحضارات والثقافات…والعادات. ..والتقاليد. ..والأعراف. ..والمفاهيم. …..ولكن المحرمات؟ ؟؟

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s